تغيّر سياسة الصين النقدية لأول مرة منذ 14 عاماً

أعلن المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، بقيادة شي جين بينغ، عن تحول السياسة النقدية من “الحذرة” إلى “التيسير المعتدل” لأول مرة منذ ١٤ عاماً. جاء هذا الإعلان وسط استعداد القادة لعقد اجتماعهم السنوي هذا الشهر لتحديد الأجندة الاقتصادية لعام ٢٠٢٤.
وأكد الحزب في بيان رسمي أن العام المقبل “يتطلب تطبيق سياسات مالية أكثر نشاطاً وسياسات نقدية معتدلة التيسير”. وشدد على ضرورة “تعزيز التعديلات الاستثنائية المضادة للدورات الاقتصادية وزيادة الاستهلاك بشكل كبير، وتحسين كفاءة الاستثمار، وتوسيع الطلب المحلي في جميع الاتجاهات”.
تأثير فوري على الأسواق المالية
أدت هذه التصريحات إلى ارتفاع أسعار الأسهم والسندات، حيث ارتفعت أسعار الأسهم في مؤشر Hang Seng China Enterprises بنسبة ٣.١٤٪. كما انخفض العائد على السندات الحكومية الصينية لأجل ١٠ سنوات إلى مستوى قياسي بلغ ١.٩٢٪، مواصلًا موجة صعودية رغم التحذيرات من “فقاعة” محتملة في أسعار السندات.
التحديات الاقتصادية والدفع نحو التحفيز
تواجه الصين ضغوطا انكماشية متزايدة بسبب الركود في قطاع العقارات، ما دفع الحكومة للإعلان عن تحفيز نقدي في سبتمبر وإجراءات مالية في نوفمبر ركزت بشكل أساسي على ديون الحكومات المحلية.
أظهرت بيانات شهر نوفمبر أن الاقتصاد الصيني يقترب من الانكماش الكامل. فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة ٠.٢٪ فقط على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى خلال خمسة أشهر وأقل من التوقعات التي أشارت إلى زيادة بنسبة ٠.٥٪. أما على أساس شهري، فقد تراجعت الأسعار بنسبة ٠.٦٪.
مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي
من المتوقع أن يعقد الحزب الشيوعي قريباً مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، حيث ينتظر المحللون إشارات واضحة حول توجهات السياسة الاقتصادية. وأشار إيسوار براساد، أستاذ في جامعة كورنيل، إلى أن المؤتمر يمثل فرصة للحكومة لتقديم “حزمة أوسع من إجراءات التحفيز المالي والإصلاحات المستهدفة” لتعزيز النمو وتقليل مخاطر الانكماش.
وأضاف براساد أن السياسات التحفيزية حتى الآن لم تكن كافية لاستعادة ثقة القطاع الخاص أو تعزيز الطلب المحلي.
خطوات تحفيزية إضافية
أعلنت الحكومة الصينية خلال الأشهر الأخيرة عن خطوات تحفيزية تشمل تخفيض أسعار الفائدة لأصحاب الرهون العقارية وتخفيف قيود شراء المنازل. كما أطلقت خطة لتبديل ديون بقيمة ١٠ تريليونات يوان (١.٤ تريليون دولار) لمساعدة الحكومات المحلية في تسوية المتأخرات.
لكن عددا متزايدا من الاقتصاديين والخبراء يدعون إلى بذل جهود أكبر لتعزيز إنفاق الأسر، بما يتجاوز البرامج الحالية التي تركز على دعم المستهلكين لترقية الأجهزة المنزلية أو شراء سيارات جديدة.



