عمومی

مستقبل العملات الرقمية بعد ترامب: كيف ستبدو صناعة الكريبتو في عام 2028؟

بحلول نهاية عام 2024، تجاوزت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية 3.5 تريليون دولار، مع وصول سعر البيتكوين إلى أكثر من 100,000 دولار لأول مرة في تاريخه.

في عام 2025، من المتوقع أن يستمر هذا النمو، حيث تشير التوقعات إلى أن سعر البيتكوين قد يصل إلى 200,000 دولار بحلول نهاية العام، مدعومًا بزيادة التبني المؤسسي والتنظيمات المواتية.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت العملات الأخرى مثل الإيثريوم وسولانا نمواً ملحوظاً، مع زيادة في عدد المطورين والمشاريع المبنية على منصاتها.

هذا النمو السريع يعكس تزايد الثقة والاهتمام العالمي بالعملات الرقمية، ودورها المتنامي في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.

ومع ذلك، فإن هذا التطور السريع أثار تساؤلات جوهرية حول مستقبل العملات الرقمية:

هل ستصبح هذه العملات بديلاً مستداماً للعملات التقليدية؟ وكيف ستؤثر السياسات الحكومية والظروف الاقتصادية العالمية على هذا القطاع الناشئ؟

وفي حين أن البعض يرى في العملات الرقمية ثورة حقيقية ستعيد تشكيل النظام المالي العالمي، يعتقد آخرون أنها فقاعة اقتصادية تحمل مخاطر كبيرة قد تنفجر في أي لحظة. بين هذا التفاؤل والتشاؤم، يبقى مستقبل العملات الرقمية سؤالا معقدا يثير الكثير من الجدل، خاصة مع تزايد تدخل الحكومات والتغيرات الاقتصادية العالمية التي قد تعيد رسم ملامح هذا القطاع.

الأمر التنفيذي لترامب بشأن العملات الرقمية

العوامل المؤثرة في مستقبل العملات الرقمية

للإجابة عن هذه التساؤلات ولتقديم رؤية شاملة حول مستقبل هذه الصناعة الواعدة من الضروري استكشاف العوامل التي قد تؤثر على مستقبل العملات الرقمية. منهم:

السياسات المالية وتأثيرها على الكريبتو

تلعب السياسات المالية دوراً حاسماً في تحديد مسار العملات الرقمية. مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في عام 2025، شهدت الولايات المتحدة تحولا جذريا في سياساتها تجاه العملات الرقمية. فقد أصدر ترامب أمراً تنفيذياً يهدف إلى تعزيز صناعة العملات الرقمية، بما في ذلك استكشاف إنشاء احتياطي وطني من الأصول الرقمية.

هذا التوجه الجديد يعكس دعماً حكومياً غير مسبوق للعملات الرقمية، مما قد يؤدي إلى زيادة الثقة والاستثمار في هذا القطاع. ومع ذلك، يثير هذا الدعم تساؤلات حول المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي، خاصة إذا ما اعتُمدت العملات الرقمية كأصول احتياطية رسمية.

على الصعيد العالمي، تتباين السياسات المالية تجاه العملات الرقمية. فبينما تتبنى الولايات المتحدة نهجا داعما، تتخذ دول مثل الصين موقفًا أكثر تحفظًا، حيث فرضت قيودا صارمة على تداول العملات الرقمية، مع التركيز على تطوير عملتها الرقمية الخاصة، اليوان الرقمي.

التنظيمات القانونية: بين التشديد والتيسير

تلعب الأطر التنظيمية دورا محورياً في تحديد مستقبل العملات الرقمية. في الولايات المتحدة، قامت لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) بإلغاء التوجيه المعروف بـ SAB 121، الذي كان يفرض على البنوك تسجيل الأصول الرقمية كخصوم في ميزانياتها، مما كان يعيق تقديم خدمات الحفظ للعملات الرقمية. هذا الإلغاء يُنظر إليه كخطوة إيجابية نحو تسهيل مشاركة البنوك في سوق العملات الرقمية.

هيئة SEC تلغي قاعدة SAB 121


مع ذلك، لا تزال هناك تحديات تنظيمية قائمة. فبالرغم من دعم الإدارة الأمريكية الحالية الذي يهدف إلى تعزيز الابتكار في مجال العملات المشفرة، تواجه البنوك والمؤسسات المالية عقبات من جهات تنظيمية أخرى، مثل مكتب مراقبة العملة (OCC) والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC)، التي تركز على المخاطر المرتبطة بالعملات الرقمية.

على الصعيد الدولي، تتفاوت التنظيمات القانونية. ففي حين تسعى بعض الدول إلى وضع أطر تنظيمية تدعم الابتكار في مجال العملات الرقمية، تتخذ دول أخرى مواقف أكثر تحفظًا، مما يؤدي إلى بيئة تنظيمية غير متجانسة تؤثر على تبني هذه العملات عالميا.

الابتكارات التكنولوجية: محركات النمو والتحديات

تُعتبر الابتكارات التكنولوجية العمود الفقري لتطور العملات الرقمية. في عام 2024، شهدت تقنية البلوكشين تطورات ملحوظة، مع تحسينات في قابلية التوسع والأمان، مما ساهم في زيادة كفاءة وسرعة المعاملات. بالإضافة إلى ذلك، برزت تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi) كأحد الابتكارات الرائدة، حيث توفر منصات DeFi خدمات مالية مثل الإقراض والاقتراض دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين.

من الابتكارات الأخرى التي اكتسبت زخمًا هي العقود الذكية التي تسمح بتنفيذ الاتفاقيات تلقائيا عند تحقق شروط معينة، مما يفتح آفاقا جديدة للتطبيقات في مختلف الصناعات. على سبيل المثال، تُستخدم العقود الذكية في مجالات مثل إدارة سلسلة التوريد والتأمين، مما يزيد من الكفاءة والشفافية.

مع ذلك، تظل هناك تحديات تقنية، مثل استهلاك الطاقة المرتفع لبعض شبكات البلوكشين، والحاجة إلى تحسين قابلية التوسع لدعم عدد أكبر من المعاملات دون التضحية بالأمان. تتطلب هذه التحديات حلولًا مبتكرة لضمان استدامة ونمو العملات الرقمية في المستقبل.

مؤثرون يدعمون العملات الرقمية والكريبتو

العملات الرقمية ومستوى القبول الشعبي

القبول الشعبي يلعب دوراً حاسماً في تحديد مدى انتشار العملات الرقمية. في عام 2024، تجاوز عدد مستخدمي العملات الرقمية عالميًا 300 مليون مستخدم، مع توقعات بنمو متزايد. العملات الرقمية لم تعد مقتصرة على المستثمرين والتقنيين، بل أصبحت جزءً من الحياة اليومية بفضل تطبيقات مثل بطاقات الدفع المشفرة والمحافظ الرقمية. ما عزز من سهولة استخدامها.

لعب مشاهير مثل إيلون ماسك دورا كبيرا في تعزيز الطلب على العملات الرقمية عبر دعمه للبيتكوين والدوجكوين، فيما ساهم مايك تايسون (Mike Tyson) في الترويج لها من خلال إطلاق مجموعات NFTs. في الوقت ذاته، ركزت ريز ويذرسبون (Reese Witherspoon) على زيادة الوعي بتقنية البلوكشين بين النساء، مما وسّع قاعدة المستخدمين.

ومع ذلك، تشكل التقلبات السعرية الكبيرة وحوادث الاحتيال تحديات بارزة تؤثر على ثقة المستخدمين. إلى جانب ذلك، التعقيد التكنولوجي يمثل عقبة أمام فهم صناعة الكريبتو. رغم هذه العوائق، تشير الابتكارات المستمرة والجهود التوعوية إلى مستقبل واعد للقبول الشعبي.

مايك تايسون وجهاز الصراف الآلي للبيتكوين

مستقبل العملات الرقمية في عام 2028

مع إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في عام 2024، ظهرت ملامح سياسة أكثر انفتاحا ودعما للعملات الرقمية. هذه السياسة، التي تتماشى مع التغيرات التكنولوجية العالمية، أعادت تشكيل النظرة إلى الأصول الرقمية كجزء لا يتجزأ من النظام المالي المستقبلي. خطابه الأخير في منتدى دافوس 2025، الذي وصف فيه البيتكوين بأنه “مخزن القيمة الرئيسي للعصر الرقمي”، كان نقطة تحول هامة، حيث عزز من ثقة المستثمرين والمؤسسات في العملات الرقمية.

عندما يتم اعتماد البيتكوين كجزء من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي كما أشار ترامب في أوامره التنفيذية، فإن هذا لا يؤدي فقط إلى تعزيز الطلب بشكل غير مسبوق، بل يجعل البيتكوين أصلًا عالميًا يعتمد عليه كعملة احتياطية. هذا يعني أن الطلب المؤسسي والحكومي قد يرتفع بشكل ضخم والدول الأخرى قد تحذو حذو الولايات المتحدة في تخزين البيتكوين كأصل احتياطي.

و من جهة أخرى وبمجرد أن تتوسع صناديق التداول بالبيتكوين وتنتشر عالميًا فإنها تفتح الباب لمليارات الدولارات من استثمارات المؤسسات والأفراد وتقلل الحواجز التقنية والتنظيمية التي تمنع المستثمرين التقليديين من دخول السوق وتزيد السيولة والاستقرار في سوق العملات الرقمية.

تأثير الولايات المتحدة على العملات الرقمية

في عهد ترامب، تم إقرار عدة إجراءات داعمة، ومن أبرزها إصدار أمر تنفيذي يدعو إلى إنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين، ما يعكس توجهاً حكومياً لاعتماد العملات المشفرة كجزء من النظام المالي الأمريكي.

والـآخر الموافقة على صناديق التداول بالبيتكوين (ETFs)، مما فتح المجال أمام استثمارات مؤسسية ضخمة وساهم في تعزيز السيولة والاستقرار في السوق. وأيضا تخفيف الأطر التنظيمية التي كانت تعيق البنوك والمؤسسات المالية من تقديم خدمات متعلقة بالعملات الرقمية.

البنوك الأمريكية مستعدة لاحتضان العملات الرقمية

مستقبل العملات الرقمية في عام 2028

في ظل التأثير الكبير للسياسات الداعمة مثل التخزين الاستراتيجي للبيتكوين وصناديق التداول بالبيتكوين (ETFs)، من المتوقع أن يشهد سوق العملات الرقمية قفزة كبيرة حتى عام 2028.

القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية يمكن أن تتراوح بين 15 و20 تريليون دولار، مدفوعة بالتبني الحكومي والمؤسسي، وزيادة الاستثمارات المؤسسية، والتطور التكنولوجي في البلوكشين.

وأما بالنسبة الي أسعار العملات الرئيسية، بيتكوين يُتوقع وصوله إلى حوالي 500,000 دولار بفضل الطلب المؤسسي المتزايد واعتماده كأصل استراتيجي.

أما الإيثريوم قد يصل سعره إلى نحو 25,000 دولار نتيجة لنمو التطبيقات اللامركزية (DeFi) والعقود الذكية.

وبالنسبة الى سولانا يمكن أن ترتفع قيمتها إلى 1000 دولار، بدعم من دورها المتزايد في المشاريع التكنولوجية المبتكرة.

هذه التوقعات تعكس التأثير القوي للسياسات الداعمة والتوسع التكنولوجي الذي يساهم في تعزيز الثقة والطلب على العملات الرقمية على نطاق عالمي.

عوامل النجاح والتحديات

العملات الرقمية تتمتع بعوامل نجاح رئيسية، أبرزها الدعم الحكومي المتزايد، خاصة في الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، حيث عززت سياساته ثقة المؤسسات المالية وسهلت دخول الشركات الكبرى إلى السوق. التطور التكنولوجي في البلوكشين ساهم في تحسين الأمان وسرعة المعاملات، بينما زاد الوعي العالمي بفوائد العملات الرقمية، خصوصاً في الدول النامية التي تبحث عن بدائل لأنظمتها المالية التقليدية.

في المقابل، هناك العديد من تحديات كبيرة أمام العملات الرقمية، منها التقلبات السعرية الحادة التي تثير قلق المستثمرين، والقيود التنظيمية المفروضة في بعض الدول التي تعيق انتشارها. كما أن استهلاك الطاقة المرتفع لبعض الشبكات يمثل تهديداً بيئياً، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية مثل الاختراقات والاحتيال.

رغم هذه العقبات، إذا استمر الدعم الحكومي والتطور التكنولوجي، فإن العملات الرقمية قد تصبح جزءاً أساسياً من النظام المالي العالمي في المستقبل القريب.

الخاتمة: رؤية شاملة لمستقبل العملات الرقمية

حتى عام 2028 وبعد نهاية رئاسة ترامب الحالية، من المتوقع أن تحول العملات الرقمية من أداة استثمارية إلى جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي. تظلّ التنبؤات المستقبلية محفوفة باحتمالات الخطأ، إذ يصعب الجزم بما سيؤول إليه أي قطاع سريع التطور مثل العملات الرقمية. ومع ذلك، يمكننا من خلال مراقبة المؤشرات الكبرى والاتجاهات العالمية تقديم تقديرات قريبة إلى الواقع. في هذا المقال، سعينا إلى استقراء ملامح المستقبل بناءً على المعطيات الحالية. بالنسبة للمستثمر، فإن فهم هذه العوامل وتحليلها يعدّ ضرورة ملحّة، حيث يتيح له ذلك اتخاذ قرارات مدروسة والاستفادة من الفرص الناشئة في الوقت المناسب لتحقيق أقصى المكاسب.

أسئلة متداولة

ما هو الأمر التنفيذي لترامب بشأن العملات الرقمية والكريبتو؟

في 23 يناير 2025، وقع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى تعزيز صناعة العملات الرقمية في الولايات المتحدة. تضمن هذا الأمر إنشاء مجموعة عمل لدراسة إمكانية إنشاء احتياطي وطني من البيتكوين وتطوير إطار تنظيمي جديد للأصول الرقمية. كما حظر الأمر إنشاء عملة رقمية للبنك المركزي في الولايات المتحدة.

ماذا قال ترامب عن البيتكوين في منتدى دافوس 2025؟

في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2025، جدد الرئيس ترامب التزامه بجعل الولايات المتحدة “عاصمة العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي” في العالم. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر احتياطيات من النفط والغاز، وأن استغلال هذه الموارد سيساهم في تحقيق هذا الهدف.

ما هو مشروع الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين وتأثيره على أسعار العملات الرقمية؟

مشروع الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين هو فكرة تتعلق بتخزين الحكومة الأمريكية للبيتكوين كأصل احتياطي، مشابها لاحتياطيات الذهب. إذا تم تنفيذ هذا المشروع، فقد يؤدي إلى زيادة الطلب على البيتكوين وارتفاع قيمته. ومع ذلك، لا يزال هناك عدم يقين بشأن تنفيذ هذا المشروع، خاصةً مع عدم وجود دعم واضح من مجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى