ما هي الدوافع الاقتصادية طويلة المدى التي تؤثر على قيمة عملة البلد؟
في هذا الجزء من سلسلة المقالات التدريبية الخاصة بالفوركس سنستعرض الدوافع والمحفزات الاقتصادية التي تؤثر على سعر صرف عملة البلد على المدی البعيد.
هناك عدة مبادئ لتوجيه نقاط القوة والضعف في العملات الرئيسية على المدى الطويل. وقد ذكرنا هنا بعض أهم ما نعتقد أنه قد يساعدك في دراستك في هذا المجال.
النمو الاقتصادي وآفاقه
نبدأ هذه المراجعة من خلال النظر في الاقتصاد وآراء المستهلكين والشركات والحكومات حول الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي. من السهل أن نفهم أنه عندما يرى المستهلكون اقتصادًا قويًا، فإنهم يشعرون بالسعادة والأمان وينفقون أموالهم. كما تتلقى الشركات هذه الأموال بفارغ الصبر.
الشركات أيضًا تقوم بإنفاق الأموال الحاصلة عليها من عوائدها. وهذا يؤدي أيضًا إلى تحقيق إيرادات ضريبية جيدة ومناسبة للحكومة. كما أن أعضاء الحكومة يتخذون مزيدًا من القرارات ويبدأون في إنفاق هذه الأموال. وفي هذه الحالة، ينفق الجميع وهذه العملية سيكون لها آثار إيجابية على اقتصاد البلاد.
من ناحية أخرى، عادة ما يكون لدى الاقتصادات الضعيفة مستهلكون لا ينفقون أموالهم وشركات لا تجني المال، وبالتالي لا تنفق أموالها. ونتيجة لذلك، فإن الحكومة هي الجزء الوحيد من الاقتصاد الذي ينفق الأموال دون كسبها.
الآن فهمنا الموضوع: ما يوجه أسواق العملات هو الآفاق الاقتصادية الإيجابية والسلبية.
تدفق رأس المال
لقد ساهمت العولمة والتقدم التكنولوجي والإنترنت في سهولة استثمار الأموال في أي مكان في العالم، بغض النظر عن مكان إقامتك. أنت على بعد نقرات قليلة من الاستثمار في سوق الأوراق المالية في نيويورك أو لندن، ومن التداول في مؤشر Nikkei أو Hang Seng إلى فتح حساب فوركس والتداول بالدولار الأمريكي أو اليورو أو الين أو حتى العملات الغريبة.
تقيس تدفقات رأس المال مقدار الأموال التي تضخها داخل بلد أو اقتصاد ما أو تسحبها منه عن طريق شراء رأس المال. من الأمور المهمة التي يجب عليك اتباعها هو رصيد تدفق رأس المال، والذي يمكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا.
عندما يكون لدى الدولة رصيد تدفق رأس مال إيجابي، فإن كمية رأس المال الأجنبي الداخلة إلى البلاد أكبر من كمية رأس المال الخارجة من البلاد. يكون رصيد تدفق رأس المال السلبي على العكس. ورؤوس الأموال التي تخرج من البلاد إلى جهات خارجية أكثر من تلك التي تدخل البلاد.
عندما يدخل المزيد من رأس المال إلى البلاد، يزداد حجم الطلب على عملة البلاد لأن المستثمرين الأجانب يضطرون إلى بيع عملتهم وشراء العملة المحلية. هذا الكم من الطلب يزيد من قيمة عملة البلاد. تذكروا المعادلة البسيطة للعرض والطلب!
كما قد تتخيل، إذا كان العرض من العملة مرتفعًا والطلب عليها منخفضًا، فستفقد تلك العملة قيمتها. عندما يتغير اتجاه الاستثمار الأجنبي ويقرر المستثمرون المحليون تغيير البوصلة ومغادرة البلاد، سيكون هناك وفرة من العملة الوطنية لأن الجميع يشتري ويبيع عملة البلد الأجنبي الذي يستثمرون فيه.
إن رأس المال الأجنبي يفضل الاستقرار في دول ذات أسعار فائدة مرتفعة ونمو اقتصادي قوي. وإذا كان لدى أي بلد سوق مالية محلية متنامية، فسيكون الوضع أفضل! سوق الأوراق المالية ينمو ويزدهر أسعار الفائدة ترتقع، ماذا يمكن أن يكون أفضل من هذا؟! وتتدفق الاستثمارات الأجنبية في هذا الاتجاه. ومرة أخرى، مع زيادة الطلب على العملة المحلية، تزداد قيمتها أيضًا.
التدفقات التجارية والميزان التجاري
نحن نعيش في سوق عالمية. تبيع الدول منتجاتها إلى الدول التي تريدها (الصادرات)، بينما تشتري في الوقت نفسه السلع التي تحتاجها من دول أخرى (الواردات). انظروا حولكم، معظم الأشياء من حولكم (الإلكترونيات والملابس والألعاب) ربما تكون مصنوعة خارج البلد الذي تعيش فيه.
في كل مرة تشتري فيها شيئًا ما، عليك أن تنفق بعضًا من أموالك التي كسبتها بشق الأنفس. ولكن كذلك الشخص الذي تشتري منه. ويدفع المستوردون الأمريكيون مقابل شراء البضائع من المصدرين الصينيين، ويدفع المستوردون الصينيون عند الشراء من المصدرين الأوروبيين.
وترتبط كل هذه المشتريات والمبيعات بعمليات الصرافة، والتي بدورها تؤدي إلى تدفق الأموال إلى خارج البلاد ودخولها إلى دولة أخرى.
يقوم الميزان التجاري (أو صافي الصادرات) بتقييم نسبة حجم الصادرات إلى حجم الواردات في اقتصاد معين ويظهر حجم طلب ذلك البلد على السلع والخدمات وأخيرا عملته. فإذا كان التصدير أكثر من الواردات، سيكون هناك فائض تجاري وسيكون الميزان التجاري إيجابيا. أما إذا كان الاستيراد أكثر من التصدير، فسيكون هناك عجز تجاري وسيكون الميزان التجاري سلبيا.
إذن:
- التصدير أكثر من الاستيراد = الفائض التجاري = الميزان التجاري الإيجابي (+).
- الاستيراد أكثر من التصدير = العجز التجاري = الميزان التجاري السلبي (-).
يؤدي العجز التجاري إلى انخفاض قيمة عملة الدولة مقابل العملات الأخرى. يجب على المستوردين أولاً تحويل عملتهم من أجل شراء عملة التاجر الذي يريد البيع لهم. عندما يكون هناك عجز تجاري، يتم بيع العملة المحلية لشراء السلع الأجنبية. ولذلك، في بلد يعاني من عجز تجاري، مقارنة ببلد لديه فائض تجاري، يكون حجم الطلب على العملة المحلية أقل.
ويرى المصدرون، أي الدول التي حجم صادراتها أكبر من حجم وارداتها، أن عملة بلادهم يتم شراؤها في الغالب من قبل الدول التي ترغب في شراء صادراتها. ولذلك فإن حجم الطلب على العملة لهذه الدول أعلى وهذا يجعلها تكتسب المزيد من القيمة. وفي الواقع، كل هذه القضايا ترجع إلى الطلب على أموال هذه الدول. العملات ذات الطلب المرتفع عادة ما تكون ذات قيمة أعلى من العملات ذات الطلب المنخفض.